غياب الحيوانات المنوية من السائل المنوي يمثل مشكلة حقيقية تهدد قدرة العديد من الرجال على الإنجاب وهي أشد صورة من صور ضعف خصوبة الرجل. نسبة حدوث هذا الأمر قد تصل إلى 20بالمائة من حالات تأخر الإنجاب عند الرجال بسبب مشكلة أو ضعف خصوبة الرجل و عندما يعلم الرجل بذلك قد يظن للوهلة الأولى عدم القدرة النهائية على الإنجاب لكن هذا أصبح غير صحيح ـ بفضل الله سبحانه وتعالى ـ ثم دور العلم الحديث. بداية يجب معرفة أن السائل المنوي الطبيعي لغالبية الرجال ذوي مستوى خصوبة طبيعي يحتوي على عدد من الحيوانات المنوية لا تقل عن 20 مليون حيوان منوي لكل مل.
والسؤال هل تنتج الخصية حيوانا منويا فعلا لكنه لا يستطيع الخروج إلى السائل المنوي أم أنها تعاني مشكلة تمنعها من إنتاج الحيوان المنوي ويعني ذلك أن هناك نوعين الأول العقم الإنسدادي وهو ينتج نتيجة عدم قدرة توصيل الحيوان المنوي من الخصية إلى السائل المنوي والثاني هو العقم اللاإنسدادي بسبب وجود خلل من نوع ما داخل الخصية يمنعها من الإنتاج الطبيعي للحيوانات المنوية.
التشخيص:
بداية يجب التأكد من الطريقة الصحيحة لتحليل السائل المنوي بل وتكراره أكثر من مرة على فترة زمنية في السائل المنوي ثم تختفي لتظهر بعد فترة أخرى. ثانيا الفحص الطبي مهم للتفرقة بين النوع الانسدادي واللا انسدادي (كسل الخصية) وهناك العديد من المؤشرات بداية من الفحص السريري لحجم الخصية وعلامات الذكورة الثانوية مرورا بتحليل الهرمونات وفحص الوراثة والفحص بالموجات فوق الصوتية وحتى الوصول إلى مرحلة أخذ عينات من الخصية لتشخيص وعلاج المشكلة.
فلو أن الخصية تنتج حيوانات منوية ففي هذه الحالة يمكن الحصول عليها عن طريق استخراجها من الخصية مباشرة لاستخدامها في عمليات أطفال الأنابيب مع محاولة ترميم القنوات المنوية إن أمكن لإعادة ظهورها مرة أخرى في السائل المنوي.
أما إذا كانت لا تنتج حيوانات منوية فيمكن البحث في وسيلة علاج لدفع الخصية للعمل و تنشيطها مع إمكانية محاولة تفتيش عن حيوانات منوية في الخصية حيث ان احتمال وجود بؤر لإنتاج الحيوانات المنوية قد يصل الى ما بين 40-60بالمائة في مثل هذه الحالات وبالتالي يمكن استخدامها في عمليات الحقن المجهري بعد ذلك كي يستطيع الزوجان الإنجاب مرة أخرى.
الأسباب:
العقم الانسدادي (التهابات الجهاز التناسلي) كان هذا النوع هو الأكثر شيوعا في الماضي لأن المسبب الأول له هو التهابات الجهاز التناسلي كان يتم إهمال علاجها أو توجد علاجات غير فعالة. كما أن الأمراض التناسلية المنقولة جنسيا كانت أحد أخطر أسباب هذا الانسداد في الجهاز التناسلي لكن بعد التوعية واستخدام أدوية فعالة ومضادات حيوية يمكن القول : إن نسبته انخفضت بشكل كبير لكن توجد أسباب أخرى مثل الغياب الخلقي للحبل المنوي وهو مرض له عوامل لها علاقة بالوراثة والجينات وأيضا مثل انسداد القنوات القاذفة نتيجة التهابات مزمنة في البروستاتا أو متلازمة يونج حيث تؤدي إلى وجود لزوجة مرتفعة تؤدي لانسداد في البربخ و هو جزء هام وحيوي من الجهاز التناسلي للرجل أو مضاعفات جراحية أثناء عملية تصليح الفتق الأربي أو ربط الوعاء الناقل كوسيلة لمنع الحمل عند الرجال.
العقم اللا انسدادي وهو نتيجة وجود كسل أو فشل في وظيفة الخصية له العديد من الأسباب:
أسباب خارج الخصية أهمها: اضطرابات الهرمونات خاصة هرمونات الغدة النخامية أو نتيجة تعاطي مفرط لهرمون الذكورة مع الرياضيين الذين يبنون العضلات وخلافه وأسباب في الخصية مثل الخصية المعلقة والتهاب الخصية الشديد مثل المصاحب لالتهاب الغدة النكفية والتعرض لعلاج كيماوي وإشعاعي أو وجود أسباب جينية أو دوائية مثل متلازمة كلاينفلتر حيث يوجد كروموسومات X أكثر من الطبيعي أو وجود توقف في إحدى مراحل إنتاج الحيوانات المنوية أو وجود خلل في كروموسوم الذكورة Y chromosome يؤدي لغياب المادة الوراثية المطلوبة لتصنيع الحيوانات المنوية أو الغياب الخلقي للخلايا المنتجة للحيوانات المنوية أو الصور الكبيرة من دوالي الخصية قد يكون لها دور بسيط أو التواء الخصية أو أورامها.
الجديد في العلاج:
العقم الانسدادي يمكن الوقاية منه باستخدام الأدوية الحديثة مثل: المضادات الحيوية لعلاج التهابات الجهاز التناسلي الشديدة أو بجراحات ميكروسكوبية لترميم القنوات المنوية ومحاولة استعادة ظهور الحيوانات المنوية مرة أخرى في السائل المنوي.
العقم اللا انسدادي : إن التشخيص الدقيق هو خطوة هامة للعلاج الفعال حيث إن تشخيص وعلاج الإضطرابات الهرمونية يساعد على تنشيط وظيفة الخصية مرة أخرى باستخدام بدائل هرمونية حديثة مصنعة بالهندسة الوراثية. كما أنه يوجد العديد من المؤشرات التي تساعد في توقع احتمال وجود بؤر لإنتاج الحيوانات المنوية داخل الخصية مثل: الفحص الهرموني و الموجات فوق الصوتية وفحص الدورة الدموية داخل الخصية وفحوصات الجينات والوراثة. كما أنه ينصح بعلاج أي سبب واضح يؤدي إلى ضعف الخصية مثل ربط دوالي الخصية المؤثرة مع تجنب استخدام جرعات كبيرة من هرمون الذكورة قبل الجراحة بفترة لا تقل عن 3 إلى 6 أشهر.
ومن الملاحظ أن العلاج الهرموني في بعض الحالات يساعد على ظهور الحيوانات المنوية مرة أخرى إلى السائل المنوي في العديد من الحالات.
الوسائل الحديثة تشمل:
محاولة استخلاص الحيوانات المنوية من البربخ أو الخصية بإستخدام الميكروسكوب الجراحي. وهي من الطرق الحديثة للتفتيش عن وجود حيوانات منوية في داخل الخصية وتساعد على اكتشاف بؤر إنتاج الحيوانات المنوية وهي وسيلة دقيقة وفعالة في العديد من المرضى ويتم إجراؤها كجراحة من جراحات اليوم الواحد مع ملاحظة أن احتمال وجود الحيوانات المنوية يتراوح بين 40-60بالمائة في هذه الحالات و مع معرفة أنه يمكن استخدام هذه الحيوانات المنوية وبنسبة نجاح كبيرة في عملية الحقن المجهري لبويضات الزوجة. كما يمكن تجميد الفائض منها لاستخدامه مستقبلا ولو بعد سنوات عديدة.